سعود السمكة: إلى أخي أحمد الربعي

ها هي السنة الخامسة تمر بعد ان غادرتنا، واكيد بعد هذه الغيبة تود ان تسأل عن اخبارنا وما هي الحال التي نحن عليها.. هل تقدمنا هل تأخرنا.. ام نحن على الحال التي تركتنا عليها قبل خمس سنوات؟!.

اخبارنا يا ابا قتيبة لا تسر ليس بسبب ضيق الحال.. بل ان الحال اكثر سعة مما كنت تعرف قبل ان تغادر.. فاسعار البترول تتصاعد.. لكن للاسف هذا التصاعد في الثروة اصبح يتزامن مع انحدار بكل شيء.. لم تعد القيمة الوطنية كما عهدتها ولم يعد الولاء للدولة واندثرت اخلاق التسامح!.

اليوم يا دكتور احمد القبيلة هي الدولة، والطائفة هي الولاء، والتشرذم هو القيمة الوطنية! اليوم يا احمد الوطن حائر بين ضعف الدولة، التي اصبحت عاجزة عن كبح جماح الصغار، وبين انتهازية الساسة!.. اليوم استيقظت جميع الخلايا، بشتى مسمياتها، التي كانت نائمة من قبل خوفا من دولة القانون، فارتفع العلم الاسود رمز تنظيم القاعدة بكل جرأة، وأخذ الاخوان المسلمون يرددون هتافات «حرية حرية حكومة شعبية»، ضاربين عرض الحائط بالدستور!.. اما اللي انت خابر ما يسمى بالتكتل الشعبي فقد ارتفعت حناجر البعض منهم لتخترق الخطوط الحمراء وتتعدى المحظور.. هذا ناهيك عن الدكاكين التي فتحت مؤخراً واخذ اصحابها يشاركون هذه الخلايا رقصة الزار كحزب الامة وغيره!.

منذ ان غادرتنا والحديث لم ينفك عن مشروع التنمية، وحسب ما رصد لها من مبالغ وارقام فلكية، فانها تعني تنمية عملاقة، الا انها بقيت حتى اليوم لم تتزحزح عن مستوى الحديث فحسب، اما الاموال التي رصدت لها فيبدو انها ضلت طريقها وذهبت الى مكان اخر، وكالعادة لم يسأل احد عن هذا المكان!.

بعد خمس سنوات يا ابا قتيبة وخطى العالم تتسارع نحو تأكيد ثقافة لزومية احترام هيبة الدولة واهمية وقوف جميع افراد المجتمع من القانون على مسافة واحدة، بينما نحن.. نجد انفسنا وبكل فخر خارج نطاق هذه المبادئ، حيث ابتكرنا اقصر الطرق لحسم النزاعات بدل ان تأخذ دورتها في دوائر الامن وثم القضاء، وهو اخذ الحق باليد حتى اصبحت «الخزة» او اي خلاف تافه بين الشباب مبرراً لازهاق الروح!.

بعد خمس سنوات، وفيما حكومات العالم تسرع الخطى وتجتهد في العمل للحاضر وتتحوط للمستقبل لمواجهة كل الاحتمالات، نجد انفسنا امام حكومة ضعيفة ليس لديها برنامج للحاضر ولا رؤية للمستقبل.. بل هي الحكومة الوحيدة في العالم التي تأخذ بمبدأ «اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب»!.. واخيراً وليس آخراً البعض في مجلس الامة مع الحكومة يحاول تكريس ثقافة افساد جديدة وهي:‍ اقترض.. واذا عجزت عن السداد فإن الحكومة سدادة، ومن لم يقترض فيستحق رشوة لاسكاته مزينة بقالب اسمه «العدالة»! ثم يتحدثون عن المستقبل والاجيال القادمة!.

هذه حالنا يا ابا قتيبة، وهل يعقل ان بلداً دخله السنوي تسعون مليار دولار وتعداد سكانه لم يتجاوز المليون بمساحة جغرافية لا تتجاوز 15 الف كيلو متر مربع يعاني مثل هذه المشاكل الاساسية في الحياة؟!.

سعود السمكه
المصدر جريدة القبس

قم بكتابة اول تعليق

Leave a Reply

لن يتم نشر بريدك الالكتروني في اللعن


*


هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.